قد تبدو فى بعض اللحظات مجرد خيالات واطياف اوهام امر بها، لكن سرعان ما ادرك ان كل ما رايته هو حقيقة وواقع وليس مجرد احلام يقظه اراها وانا اجاهد لكى احفظ تلك القطعه من أجل الامتحان او وانا اتناول فنجان القهوة فى الصباح، انها حقا حياه كامله متكامله بها اشخاص وبشر يعيشون ويتحدثون ويتالمون ويتعايشون تماما مثلما افعل انا ومثلما يفعل كل من حولنا.
تبدو احيانا ومضات خاطفه لاحلام كثيره لم تكتمل، كانت فى يوم من الايام امل، فتحولت الى رجاء ثم اختفت تدريجا لتصبح سرابا، واليوم تتحول لتصبح ذكرى، وليست كل الذكريات سعيده كما ان ليس كلها مؤلم .. لا ادرى ربما هى حياه اشبه بموج البحر او امطار السماء، فلا بحر بدون امواج، وكذلك لا سماء بدون أمطار.
أمواج البحرتاتى من بعيد متامله الشاطئ كانه الجنه، تقترب منه فترى رماله الساخنه فينتابها بعضا من الخوف لكنها تستمر فى تقدمها، حتى تصل الى الشاطئ وتتبعثر على رماله وتنتهى ولا يعود منها شيئا، او ربما كانت حياه كامطار السماء، نشتاق لها وننتظرها فى كل شتاء، وحين تغمرنا بشدة نجرى ونختبئ منها تحت المظلات والأغطيه والابنيه، ونتمنى ان تنتهى سريعا لننعم بحياتنا الجافه النشيطه مره اخرى.
حين اقف على عتبه المنزل كل صباح افكر جيدا، ماذا ساضيف لذاتى تلك التى تخرج من الباب حين تعود الى نفس الباب فى المساء، فانا اكره ان اعود اليه كما تركته، واكره ان اتركه فلا اعود اليه بشيء جديد، فاظل ابحث بعينى طوال الوقت عن ذلك الشيء الذى سأضيفه.
اتذكر الطفله ذات الاعوام الاربع واحلامها الصغيره بقضاء العيد مع والدها فى اى مكان تلعب وتمرح معه، واحلام فتاه المراهقه التى كانت تكتب بعضا مما اختلج بصدرها من مشاعر واحاسيس لابطال لم يوجدوا يوما فى حياتها، وكلها احلام لم تكتمل ، فلا الوالد يسمح له وقته بنزهه فى العيد ولا كتابات المراهقه اوجدت الحبيب.
فانظر حولى فارى طفل صغير يجرى بطائرة ورقيه على شاطئ البحر، ينظر لها باعجاب وخيلاء، فهى من صنع يده، وحين تحادثه عنها يخبرك انه حين يكبر سيقود طائره كبيره كتلك التى يسافر فيها والده، واليوم حين رايته ، رايته ذلك الصبى الوسيم المجتهد فى عمله، وقد طارت طائرته بعيدا ولم يبقى منها سوى هيكل معدنى يضعه فوق احد الارفف فى حجرته.
وهذه الجميله التى كانت تقف امام المرآه بالساعات لتقلد اداء ممثلاتها وراقصاتها المفضلات، كانت تخبرنى دوما انها ستصبح فنانه عظيمه يلمع صيتها من اقصى البلاد لأقصاها وربما تعداها لخارجها معتمده على موهبتها الحقيقية، تحادثنى الان وهى تصرخ بين اطفال كثيره، ليصمت هذا أو ليدرس هذا لتشكو هى قليلا من والد هؤلاء.
فكم من حلم مر بخيالى اليوم؟، لا أدرى فهم كُثر، ولو اضفت لهم احلام الامس والاسبوع الفائت والسنه الماضية، واحلام العمر الماضى كله، لوجدت المحصله عدد فلكى من الاحلام والامنيات التى تمنيتها، عدد لا حصر له، لكن حين افكر فى عدد الاحلام التى اكتملت وتحققت وتعدت مرحله كونها حلم فى راسى الى واقع وحياة كتلك التى نحياها، اشعر بنوع من الخجل امام نفسى، فكيف على اتساع احلامى وكثرتها لم يكتمل منها شيء، اى شيء...!
فتعجبت اننى مازلت متذكرة احلام طفولتى وصبايا، تلك التى لم تتحقق ولم ترى الحياة، ترى هل حلاوه الاحلام فى عدم تحققها، ام تراها اذا تحققت سميت باى شئ اخر غير كونها أحلام؟؟