أصبح الموت قريبا، قريبا جدا، أقرب من اى وقت مضى.
فى كل مرة سأغادر المنزل سأنظر له مودعه فربما تكون آخر مرة أدخله.
وفى
كل مرة سأترك أمى وأبى لأذهب الى عملى سأقبل يدهم بخشوع على أمل ان
يسامحونى على كل أخطائى التى ارتكبتها فى حقهم، فربما تكن هذه هى اخر فرصه
لى لتوديعهم وتقبيل ايدهم.
فربما يكون اليوم هو الاخير لى فى هذه الدنيا، فالموت اصبح قريب.
اجد رائحته فى كل شيء حولى، رائحة الموت .. رائحة الموت.
ذلك البرد الذى يغلف قلوبنا .. الحزن الذى ما عاد يفارقنا.
دموع امهاتنا كل يوم فى وداع ابنائهم، وداعهم لمجرد انهم فارقوا حضنهم وليس لذهابهم الى الحرب كما كنت نعرف قديما.
انه الوداع الذى اصبح محتوما ومكتوبا على كل مصري، لا ندرى متى يحين موعدنا لنلتقى بأخوتنا "المصريين" الذين سبقونا للسماء.
متى ستنتحب عيون وقلوب لفراقنا، ومتى سترفع كؤوس النصر لاخرين يحتفلون فوق دمائنا.
سأذهب
لعملى لاسير فى نفس الشوارع التى امشى فيها منذ زمن، لكن هذه المره ساتوقع
هؤلاء الرجال بنجومهم الباهته ونسورهم الضاريه وهى متربصة بخطواتى وخظوات
اخواتى .. وذنبنا الوحيد اننا طالبنا بحرية ان نحصل على حريتنا.
سأسير
فى الشوارع القديمة لاجدها باهته يملأها الضباب، خالية من الألوان، فكل ما
كان يبعث على الفرحه وكل من كان يساهم فى رسم البسمة قد مات، ومن تبقى حى
لم يمت يقف فى طابور الموت ينتظر دوره.
لم
يعد الحديث عن حب أرض او وطن او تراب، لا علاقة له بقصص التاريخ والبطولات
المأثورة، لقد اصبح الثأر الأن شخصيا بين كل مصري وبين هؤلاء الذين قتلوا
وتلوثت ايديهم وقلوبهم بدمائنا الزكية، فمن قتل ابى واخى وابنى لن اتركه
ينعم بحياته هانئا وكانما قتلهم فى احدى العاب الكمبيوتر، فيغلق جهازه عند
الانتهاء من القتل ويذهب ليحتفل بالفوز بين اصدقاءه.
سأظهر
له فى اجمل احلامه لاحولها جحيم، سيجدنى امامه اينما نظر، ساجعله يشعر
بالموت ويشم رائحته، فليعيش فى ذلك الخوف الذى جعلنا نحيا فيه سنوات، بل
سأجعله يتمنى الموت ولا يدركه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق